Saturday, April 02, 2011

IN THE PRESS: خشبة المدينة تنفتح لـ ناجي صوراتي مع <تقاسيم ما بعد العراك> المتقاتلون من أم واحدة والكل خاسرون في النهاية


أكثر من مرة خاطبناه شخصياً وقلنا له عليك أن تكف عن حضورك الأكاديمي فقط، على مسرحك أن يُعرف على النطاق الجماهيري العام· فالذي تقدمه مسرح إنساني كبير، له فضاء الدنيا كلها فلماذا تحصره في مسرح كلية، ويبدو أن رب ضارة نافعة مع المخرج ناجي صوراتي وإبعاده عن هيئة التدريس في الجامعة اللبنانية الأميركية، حيث فتح له مسرح المدينة ذراعيه واستقبلته سيدة المسرح نضال الاشقر في احتفالية نصرته فيها وأعطته قيمته الفنية وسرعان ما برمجت جديده: <تقاسيم ما بعد العراك> عن نصوص مكتوبة لـ نصري الصايغ·
<اللــــــواء> من رعاة هذا الحدث المسرحي المتميز الذي يحكي عن حرب لبنان في إطار من التعبيرية المميزة جداً بشفافيتها وعمقها وقدرتها على ايصال الفكرة، ناضجة، ومباشرة في آن، وقد لفتنا كثيراً أن إختلاف الخشبة بين غولبنكيان والمدينة لم تؤثر سلباً في العمل، بل إن الذي حصل هو قدرة صوراتي على إستغلال كامل مساحة وعمق وارتفاع المسرح في ترتيب زمور الديكور والإضاءة وتوزع العازفين والممثلين·
هم 11 شخصاً معظمهم من الذكور، هناك امرأة ولادة أنجبت أمام الجمهور ستة أبناء في مشهد راق، ومعبر جداً، ويعبر بهدوء ودونما رغبة في إثارة أي نوع من التساؤل· فالأم واحدة والأبناء الذين خرجوا من هذه البطن كانوا يلهون مع بعضهم أولاً ثم اختلفوا قليلاً، ثم تشابكوا بالأيدي ولم يلبثوا ان إستخدموا اسلحة في المواجهة، واستعملوا الدروع الواقية وصولاً إلى مواجهات لم تتوقف، مع إستحداث متاريس حيناً تبدو في حالة إلتفافية تشكل حلبة نزال، وحيناً مواقع متقابلة لفريقين متقابلين، وحيناً تكون هي نفسها مادة وسلاحاً للمواجهة هذه·
هذا عراك لكن ماذا عن تقاسيم ما بعده· هذه تستأهل مساحة خاصة لأن العامل السياسي، والمماحكات التي تواكبها بين أطراف الصراع عندنا تأخذ عدة وجوه· وما يريح العين والقلب في آن هو الأسلوب المعتمد في التعبير عن هذه الأجواء، مما يعطي لكل العناصر على الخشبة حق المباركة على ما يبذلونه، سواء في واقعية الممثلين وهم يضربون بعضهم إلى حد إحمرار ظهورهم وصدورهم من أثر الأكف التي كان صداها يتردد في الصالة·
فيروز أبو حسن، بشير أشقر، جود عضاضة، جوانا عزيز، فراس بوزين الدين، رامي عيد، خليل قدري، علاء ميناوي، عمر مجاعص، فايز رواس، هبة صعب، حسن سلامة، ومهدي يحيى، انهم العناصر التي جسدت الشخصيات على الخشبة، وقد كان إيقاع حواراتهم الانكليزية والعربية وحركتهم، دليلاً على هضمهم المتميز للمادة التي يشتغلون عليها·
<تقاسيم ما بعد العراك> ينقل صوراتي إلى المواجهة المباشرة مع الجمهور العام فعلاً، فالذي كان يقدمه سابقاً كان اكبر وأهم من المسرح الجامعي فقط، بل ان العبارة المناسبة اكثر هنا، هي، ان هذا الفنان يخوض المعركة الحقيقية له، أن يكون جماهيرياً، أن تتوسع رقعة حضور لغته وأسلوبه المسرحيين في الاتجاه الصحيح والرحب والمناسب·
محمد حجازي  April 2011

No comments:

Post a Comment