AL NAHAR
27-03-2012مي منسى
"ذرة رمل في عين الشمس"، هي الكلمة صارت جسداً. فمن عناصر الماء والنار والضوء والصوت، جبل ناجي صوراتي إنسان إيتل عدنان، كائناً من سفر التكوين هو، موشوماً بلعنة الوجود، يعبر الأزمنة متوأماً بظلّه، مقرّحاً بعبثية الأنا، ينتقل في التاريخ بين ضياء النفس والآخر وظلمتهما
هناك، هذه القصيدة النثرية الحاوية الذاكرة البعيدة وتاريخ البشر، كتبتها إيتل عدنان بما يشبه الحساب، مستنيرة بظلمة الوجود، تتذكر حضارات زالت وحاضراً يحتضر، تحوّلت في فكر ناجي صوراتي، ملعباً تتصارع فيه قوى الأنا والآخر. ويبقى السؤال الوجودي معلّقا في الفراغ "أين الأنين، أين الرعب، الحب، الألم؟
أين الكراهية، أين حياتك وحياتي؟
قطّع ناجي صوراتي نص إيتل عدنان فضاءات مستوحاة من "هناكاتها" حيث في كل هناك وقفة استذكار مع شاعر، مخترع، مكتشف، فيضان، كارثة، موت وسؤال "هل هناك نور قدامنا؟
على الخشبة شخصيتان أساسيتان، جود عضاضة وناجي صوراتي، مجبولان من عناصر واحدة، حيث يغدو الواحد ظلاً للثاني، صداه، مرآته. يضاف إليهما فراس بو زين الدين وكريستينا فرح وفائز رواس وجنا صالح، يطوفون بظلالهم، تتلاعب أيديهم بالماء، يفتعلون النار والفيضان، والضوء والعتمة. كأن للكلمة سحرها في فكر ناجي صوراتي، الإخراجي أولاً، يهندسها، يخلق لها إطاراً ترتع فيه، يكرّمها بأدوات ابتكاراته البصرية، من فحوى النص هي، رموز تعيد معجزة الخلق إلى البدايات، الرمل، الماء ، الضياء، الشمس، الظلمة
ثانياً، هو عشقه النصوص الكبرى، التائقة إلى الجدلية الوجودية، ما جعل مسرحه مختبراً معقداً، صعباً، أوصله إلى إيتل عدنان وقصيدتها "هناك". من أفقيات الورقة، مضى إلى عمودية العراك مع الوجود. فلعل إيتل عدنان تعلم أن رجل المسرح هذا أدرك أن المسرح ليس ملعباً للهو والحلم، بل مادة مزعجة، قاسية، تحرّك الضمائر، نابضة بالقشعريرات التي تنضح من الممثل القائل: "أصير حيوانا مفترسا يبحث عن إثباته الذاتي في الجثث" إلى المشاهد، فتجعله بدوره بسأل "أين نحن؟" و"من أنا؟". ثمة "أين" تعبر من القصيدة إلى الخشبة لأننا- كما تقول إيتل عدنان- موجودون، وكان لنا وجود فمن نحن إن لم نكن أنا وأنت؟
خرق صوراتي رمال هذه الغربة، دخل مع توأمه الظل، مسامها. فالهناك ما هو سوى الآخر المنبوذ من الرحم الكونية. واحد مكفوف يستدل بعصاه على الدرب، وآخر وراء غلالة نائص الضوء فيها، ظلاّن أحدهما يواجه الاخر. "ألا يمكننا أن نفهم بعضنا البعض ونوقف القتل؟". لقد كنا أمام ممثلين ماهرين أعطيا القصيدة روحا وجسدا، ذاكرة وتاريخاً
العبارات سريعة يرددانها بلغات ثلاث، نتلقاها بهذا السؤال الممعن فينا: "من أنا؟". نسمع الإنسان وظلّه يكرران سؤالا يوسّع الافاق حولنا: "من هو عدوّي، وهل ينبغي أن يكون لي واحد، أهو صديقي الأقدم، هل كان شابا عندما دخل المذبحة هل
حملت إيتل عدنان في هذا النص قنديل ديوجين، لا للبحث عن الحقيقة لكن لتشي بقلمها الشاعري، الفلسفي، بمأساة الحروب والتشرد المتكررة عبر الأزمنة، تقترف آثام الجوع والفقر والحروب والتشتت والموت والغربة والكراهيات. وكم كان صوراتي ملتحماً بحبرها يغرف منه صوتاً وصمتاً، شمساً وظلمة، ويستوحي من صمت القصيدة أصواتاً، موسيقى، ترسم أجواء وأزمنة، تشق بقوس الشيللو دروبا إلى جوهر الأحزان والذكريات. قوس تذرف أسى على هذا الوتر، رسولا يحتفل بالتراجيديات الكبرى. وهل أكثر بلاغة من هذا النغم في تعبيره عن فاجعة الأنسان؟
هناك، هذه القصيدة النثرية الحاوية الذاكرة البعيدة وتاريخ البشر، كتبتها إيتل عدنان بما يشبه الحساب، مستنيرة بظلمة الوجود، تتذكر حضارات زالت وحاضراً يحتضر، تحوّلت في فكر ناجي صوراتي، ملعباً تتصارع فيه قوى الأنا والآخر. ويبقى السؤال الوجودي معلّقا في الفراغ "أين الأنين، أين الرعب، الحب، الألم؟
أين الكراهية، أين حياتك وحياتي؟
قطّع ناجي صوراتي نص إيتل عدنان فضاءات مستوحاة من "هناكاتها" حيث في كل هناك وقفة استذكار مع شاعر، مخترع، مكتشف، فيضان، كارثة، موت وسؤال "هل هناك نور قدامنا؟
على الخشبة شخصيتان أساسيتان، جود عضاضة وناجي صوراتي، مجبولان من عناصر واحدة، حيث يغدو الواحد ظلاً للثاني، صداه، مرآته. يضاف إليهما فراس بو زين الدين وكريستينا فرح وفائز رواس وجنا صالح، يطوفون بظلالهم، تتلاعب أيديهم بالماء، يفتعلون النار والفيضان، والضوء والعتمة. كأن للكلمة سحرها في فكر ناجي صوراتي، الإخراجي أولاً، يهندسها، يخلق لها إطاراً ترتع فيه، يكرّمها بأدوات ابتكاراته البصرية، من فحوى النص هي، رموز تعيد معجزة الخلق إلى البدايات، الرمل، الماء ، الضياء، الشمس، الظلمة
ثانياً، هو عشقه النصوص الكبرى، التائقة إلى الجدلية الوجودية، ما جعل مسرحه مختبراً معقداً، صعباً، أوصله إلى إيتل عدنان وقصيدتها "هناك". من أفقيات الورقة، مضى إلى عمودية العراك مع الوجود. فلعل إيتل عدنان تعلم أن رجل المسرح هذا أدرك أن المسرح ليس ملعباً للهو والحلم، بل مادة مزعجة، قاسية، تحرّك الضمائر، نابضة بالقشعريرات التي تنضح من الممثل القائل: "أصير حيوانا مفترسا يبحث عن إثباته الذاتي في الجثث" إلى المشاهد، فتجعله بدوره بسأل "أين نحن؟" و"من أنا؟". ثمة "أين" تعبر من القصيدة إلى الخشبة لأننا- كما تقول إيتل عدنان- موجودون، وكان لنا وجود فمن نحن إن لم نكن أنا وأنت؟
خرق صوراتي رمال هذه الغربة، دخل مع توأمه الظل، مسامها. فالهناك ما هو سوى الآخر المنبوذ من الرحم الكونية. واحد مكفوف يستدل بعصاه على الدرب، وآخر وراء غلالة نائص الضوء فيها، ظلاّن أحدهما يواجه الاخر. "ألا يمكننا أن نفهم بعضنا البعض ونوقف القتل؟". لقد كنا أمام ممثلين ماهرين أعطيا القصيدة روحا وجسدا، ذاكرة وتاريخاً
العبارات سريعة يرددانها بلغات ثلاث، نتلقاها بهذا السؤال الممعن فينا: "من أنا؟". نسمع الإنسان وظلّه يكرران سؤالا يوسّع الافاق حولنا: "من هو عدوّي، وهل ينبغي أن يكون لي واحد، أهو صديقي الأقدم، هل كان شابا عندما دخل المذبحة هل
حملت إيتل عدنان في هذا النص قنديل ديوجين، لا للبحث عن الحقيقة لكن لتشي بقلمها الشاعري، الفلسفي، بمأساة الحروب والتشرد المتكررة عبر الأزمنة، تقترف آثام الجوع والفقر والحروب والتشتت والموت والغربة والكراهيات. وكم كان صوراتي ملتحماً بحبرها يغرف منه صوتاً وصمتاً، شمساً وظلمة، ويستوحي من صمت القصيدة أصواتاً، موسيقى، ترسم أجواء وأزمنة، تشق بقوس الشيللو دروبا إلى جوهر الأحزان والذكريات. قوس تذرف أسى على هذا الوتر، رسولا يحتفل بالتراجيديات الكبرى. وهل أكثر بلاغة من هذا النغم في تعبيره عن فاجعة الأنسان؟
مي منسى
Please find the link below to view the article online;
http://www.annahar.com/article.php?t=adab&p=2&d=24688
Please find the link below for more information on 'A GRAIN OF SAND in the Eye of the Sun.'
http://didaskalosaghonistikos.blogspot.com/2012/03/grain-of-sand-in-eye-of-sun.html
Please find the link below for direct access to the Facebook Event of 'A GRAIN OF SAND in the Eye of the Sun.'
http://www.facebook.com/events/303367216383027/
No comments:
Post a Comment